الأحد، 16 يونيو 2019

طفولة متشردة

#طفولة_ام_لجوء؟؟
عندما كنا صغار ونخرج معنا اي شيء صالح للاكل، كانت تتعالى اصوات الجائعين من كل حدب وصوب، وكانت تنهال الايادي الممدوة طلبا #لشوية من اي شيء قابل للأكل، قضاء الساعات الطوال في اللعب والمرح خارج المنزل تجعل منك لاجئا قريبا من البيت تترصد اي #كاسكروط محشو بما لذ وطاب، حتى وان لم يكن مما لذ المهم يكون مما طاب.
كانت الانانية منتشرة بكثرة من طرف الاقران، البعض منا كان يتوارى عن الانظار حتى يقضي على كاسكروطه بين الاعشاب وكأنه نمر ظفر بغزال او خلف جدران العمارة حتى لا يزعجه احد بالمقولة الشهيرة "آرا شوية" ...او "اعطيني عضة" قد تكون كريما احيانا لكن قد تندم الى الابد، فذلك المشرد الذي لم يدخل لبيته منذ ساعات الصباح الاولى سيكون حتما كذئب يتضور جوعا ويمكنك ان ترى ذلك في شرارة عيونه اللئيمة التي تترصد رغيف خبزك

، فيتودد لك ويحلف بأغلظ الايمان بانه لن يعض إلا قليلا، وبعد مفاوضات عسيرة حول حجم القضمة وشروط العضة وبعد ان تعين حدود الخبز وتضع الاصابع الفاصلة بين كسرة خبزك وأنيابه الحادة يتم الاتفاق، لكن هيهات ففي الكثير من الاحيان خسر بعض الاطفال اصابعهم  بسبب التعدي الصارخ على الحدود ونشبت المشادات العنيفة بسبب خرق اتفاقية السلام #الكاسكروطية، مما قد يجعلك تعاديه لأشهر عديدة.
كانت ايام بسيط وجميلة رغم ما يتخللها من مهاترتات صبيانية فغريزة البقاء حتما أقوى من الصداقة الطفولية المبنية على المصالح الضيقة او هكذا كانت تبدو على الاقل.


الأحد، 2 يونيو 2019

شرعية #الكاسكيطة

#شرعية_الكاسكيطة !
طوابير البريد الطويلة والمضنية تمتد لوقت طويل خاصة في فترات الاعياد والحالات الاستثنائية عندما يرضى آمر الخزينة بصرف دنانير البروليتاريا قبيل المناسبة السعيدة، وجوه متجهمة ونظرات متشائمة يرمقك بها كل من شك انك خبيث متسلل للشباك كي تفوز بحصتك على عجل، ارهاق الوقوف لا يكفي، فريبة فقدان "الريزو" أو نفاذ المال لا يكاد يفارق تصور المعذبين فقد تجف خزينة مركز البريد في اي لحظة، لن أوغل في هجاء موظف الشباك الذي تسمر في مكانه عابسا متمتما كل حين، يلعن من تسبب في قطع الطريق على فراره من المكتب مبكرا، فغدا عيد سعيد وصرخات الواقفين الموقوفين ستطارده وتوقفه لاتمام العمل حتى ولو كانت مجرد نية في شرارة عيونه اللئيمة، رئيس المكتب وراءه يرمق الكل بنظرات مشتتة وبائسة وكأن لسان حاله يقول متعوذا من أولئك الواقفين:" من شر ماخلق".
لقد تآلفنا مع المشهد كل شهر وألفنا بعضنا بعضا، فكل هذا التشنج مباح بل ومبرر، ويكفي ان يروي احدهم مزحة حتى يقشع ضباب الغاضبين فتبتسم تلك الوجوه المتجهمة. 
صوت وقع #رونجاص (حذاء عسكري ) ملمع يسمع من بعيد بدقات منظمة وكأنها طرقات استئذان تدخل المركز بغير استئذان، نظارات رايبن سوداء قاتمة وبذلة زرقاء أنيقة تعتلي عرشها #الكاسكيطة" (قبعة عسكرية).
 انها ليست كبقية "الكاسكيطات" ،ليست موضة وليست حتى نوع لباس، #الكاسكيطة في بلادي هي صفة هي رمز هي لقب هي تاج هي عظمة. 
قد يلقي التحية على الواقفين وقد يتجاهلهم فهو ليس مجبرا على اداء طقوس العبودية لأحد، إنه يعتمر ذلك الشيء #المقدس المهيب فوق رأسه..يمر بين الصفوف بينما تاجه يشق له طريقا هي اقرب للجسور المعلقة، يمر بين الناس لكنه في الحقيقة يمر فوقهم يمشي على ظهورهم ويتخذهم ممرا آمنا نحو شرعية الشباك، شرعية المرور على الظهور، يتبادل اطراف الحديث مع موظف الشباك في صمت بنظرات خبيثة في سكون، نظرات خاطفة اكتسباها من طبيعة الوظيفة فكلاهما يستعمل الرؤية الخاطفة لضرورة العمل، لن يتجرأ أحد منا على الاعتراض على #القدر، أو الاحتجاج على القداسة، فنظراتهما الخبيثة ألغت كل وجود في ردهة المركز. #وشرعية الكاسكيطة لا تضاهيها شرعية الغلابى. 
يقدم اوراقه ولا تكاد ابتسامة خبيثة خفيفة تفارق محياه، نتوسم أنها ابتسامة حتى لا نظن به الظنون، ولا نفكر في شيء آخر يرهقنا غبرة..يستلم ماله في كبرياء وينسحب تاركا وراءه صدى دقات #الرونجاص وهي تطرب مسامعنا وكأنه ترك لنا لحنا يحتفل به انتصارا علينا..لسان حاله يقول ما انتم إلا بشر خلقتم من طين. .يستهجن الكثير منا ما حدث ويسرها في نفسه ويستسيغ أكثرنا الوضع، لا داعي للتهويل يا أركاديوس انه مجرد شرطي..يقول اخر من حقه ان يتقاضى أجرته بدون طابور، انه حامي الوطن ورمز الأمن.. ولا زلنا على ذلك الحال واقفين مكدسين بائسين بطابورنا الطويل، يتحرك ببطء شديد وموظف الشباك ماض في استفزازاته، فهو يمرر واحد من الشباك ويسدي صنيعا لثلاثة تحته، لا تتدخل ولا تحتج فقد يعاقبنا جماعيا بأن يحمل قلمه ويغادر غاضبا، فهو يترصدنا كل حين حتى يمكر مكره، لكن هيهات فقد تعلم الواقفون #تعويذة ابطال سحره، رغم رباطة جأشنا قد ينطق معتوه من الطابور ويفسد علينا كل ما بنيناه. 
من جديد صوت وقع رونجاص ملمع يسمع من بعيد بدقات منظمة وكأنها طرقات استئذان تدخل المركز بغير استئذان، نظارات "رايبن" سوداء قاتمة وبذلة زرقاء أنيقة تعتلي عرشها "الكاسكيطة" ... انها ليست كبقية "الكاسكيطات" ، ليست موضة وليست حتى نوع لباس، الكاسكيطة في بلادي هي صفة هي رمز هي لقب هي تاج هي عظمة. 
من يوميات #المنتقد في مركز البريد.