الأحد، 16 يونيو 2019

طفولة متشردة

#طفولة_ام_لجوء؟؟
عندما كنا صغار ونخرج معنا اي شيء صالح للاكل، كانت تتعالى اصوات الجائعين من كل حدب وصوب، وكانت تنهال الايادي الممدوة طلبا #لشوية من اي شيء قابل للأكل، قضاء الساعات الطوال في اللعب والمرح خارج المنزل تجعل منك لاجئا قريبا من البيت تترصد اي #كاسكروط محشو بما لذ وطاب، حتى وان لم يكن مما لذ المهم يكون مما طاب.
كانت الانانية منتشرة بكثرة من طرف الاقران، البعض منا كان يتوارى عن الانظار حتى يقضي على كاسكروطه بين الاعشاب وكأنه نمر ظفر بغزال او خلف جدران العمارة حتى لا يزعجه احد بالمقولة الشهيرة "آرا شوية" ...او "اعطيني عضة" قد تكون كريما احيانا لكن قد تندم الى الابد، فذلك المشرد الذي لم يدخل لبيته منذ ساعات الصباح الاولى سيكون حتما كذئب يتضور جوعا ويمكنك ان ترى ذلك في شرارة عيونه اللئيمة التي تترصد رغيف خبزك

، فيتودد لك ويحلف بأغلظ الايمان بانه لن يعض إلا قليلا، وبعد مفاوضات عسيرة حول حجم القضمة وشروط العضة وبعد ان تعين حدود الخبز وتضع الاصابع الفاصلة بين كسرة خبزك وأنيابه الحادة يتم الاتفاق، لكن هيهات ففي الكثير من الاحيان خسر بعض الاطفال اصابعهم  بسبب التعدي الصارخ على الحدود ونشبت المشادات العنيفة بسبب خرق اتفاقية السلام #الكاسكروطية، مما قد يجعلك تعاديه لأشهر عديدة.
كانت ايام بسيط وجميلة رغم ما يتخللها من مهاترتات صبيانية فغريزة البقاء حتما أقوى من الصداقة الطفولية المبنية على المصالح الضيقة او هكذا كانت تبدو على الاقل.


الأحد، 2 يونيو 2019

شرعية #الكاسكيطة

#شرعية_الكاسكيطة !
طوابير البريد الطويلة والمضنية تمتد لوقت طويل خاصة في فترات الاعياد والحالات الاستثنائية عندما يرضى آمر الخزينة بصرف دنانير البروليتاريا قبيل المناسبة السعيدة، وجوه متجهمة ونظرات متشائمة يرمقك بها كل من شك انك خبيث متسلل للشباك كي تفوز بحصتك على عجل، ارهاق الوقوف لا يكفي، فريبة فقدان "الريزو" أو نفاذ المال لا يكاد يفارق تصور المعذبين فقد تجف خزينة مركز البريد في اي لحظة، لن أوغل في هجاء موظف الشباك الذي تسمر في مكانه عابسا متمتما كل حين، يلعن من تسبب في قطع الطريق على فراره من المكتب مبكرا، فغدا عيد سعيد وصرخات الواقفين الموقوفين ستطارده وتوقفه لاتمام العمل حتى ولو كانت مجرد نية في شرارة عيونه اللئيمة، رئيس المكتب وراءه يرمق الكل بنظرات مشتتة وبائسة وكأن لسان حاله يقول متعوذا من أولئك الواقفين:" من شر ماخلق".
لقد تآلفنا مع المشهد كل شهر وألفنا بعضنا بعضا، فكل هذا التشنج مباح بل ومبرر، ويكفي ان يروي احدهم مزحة حتى يقشع ضباب الغاضبين فتبتسم تلك الوجوه المتجهمة. 
صوت وقع #رونجاص (حذاء عسكري ) ملمع يسمع من بعيد بدقات منظمة وكأنها طرقات استئذان تدخل المركز بغير استئذان، نظارات رايبن سوداء قاتمة وبذلة زرقاء أنيقة تعتلي عرشها #الكاسكيطة" (قبعة عسكرية).
 انها ليست كبقية "الكاسكيطات" ،ليست موضة وليست حتى نوع لباس، #الكاسكيطة في بلادي هي صفة هي رمز هي لقب هي تاج هي عظمة. 
قد يلقي التحية على الواقفين وقد يتجاهلهم فهو ليس مجبرا على اداء طقوس العبودية لأحد، إنه يعتمر ذلك الشيء #المقدس المهيب فوق رأسه..يمر بين الصفوف بينما تاجه يشق له طريقا هي اقرب للجسور المعلقة، يمر بين الناس لكنه في الحقيقة يمر فوقهم يمشي على ظهورهم ويتخذهم ممرا آمنا نحو شرعية الشباك، شرعية المرور على الظهور، يتبادل اطراف الحديث مع موظف الشباك في صمت بنظرات خبيثة في سكون، نظرات خاطفة اكتسباها من طبيعة الوظيفة فكلاهما يستعمل الرؤية الخاطفة لضرورة العمل، لن يتجرأ أحد منا على الاعتراض على #القدر، أو الاحتجاج على القداسة، فنظراتهما الخبيثة ألغت كل وجود في ردهة المركز. #وشرعية الكاسكيطة لا تضاهيها شرعية الغلابى. 
يقدم اوراقه ولا تكاد ابتسامة خبيثة خفيفة تفارق محياه، نتوسم أنها ابتسامة حتى لا نظن به الظنون، ولا نفكر في شيء آخر يرهقنا غبرة..يستلم ماله في كبرياء وينسحب تاركا وراءه صدى دقات #الرونجاص وهي تطرب مسامعنا وكأنه ترك لنا لحنا يحتفل به انتصارا علينا..لسان حاله يقول ما انتم إلا بشر خلقتم من طين. .يستهجن الكثير منا ما حدث ويسرها في نفسه ويستسيغ أكثرنا الوضع، لا داعي للتهويل يا أركاديوس انه مجرد شرطي..يقول اخر من حقه ان يتقاضى أجرته بدون طابور، انه حامي الوطن ورمز الأمن.. ولا زلنا على ذلك الحال واقفين مكدسين بائسين بطابورنا الطويل، يتحرك ببطء شديد وموظف الشباك ماض في استفزازاته، فهو يمرر واحد من الشباك ويسدي صنيعا لثلاثة تحته، لا تتدخل ولا تحتج فقد يعاقبنا جماعيا بأن يحمل قلمه ويغادر غاضبا، فهو يترصدنا كل حين حتى يمكر مكره، لكن هيهات فقد تعلم الواقفون #تعويذة ابطال سحره، رغم رباطة جأشنا قد ينطق معتوه من الطابور ويفسد علينا كل ما بنيناه. 
من جديد صوت وقع رونجاص ملمع يسمع من بعيد بدقات منظمة وكأنها طرقات استئذان تدخل المركز بغير استئذان، نظارات "رايبن" سوداء قاتمة وبذلة زرقاء أنيقة تعتلي عرشها "الكاسكيطة" ... انها ليست كبقية "الكاسكيطات" ، ليست موضة وليست حتى نوع لباس، الكاسكيطة في بلادي هي صفة هي رمز هي لقب هي تاج هي عظمة. 
من يوميات #المنتقد في مركز البريد.

الجمعة، 31 مايو 2019

قبعة السعادة

قبعة السعادة.. 
كنت أبلغ من العمر 8 سنوات حينما وعدني والدي بقبعة صيفية كالنوع الذي في الصورة شكلا، أما لونا وبهجة واشعاعا فتلك حكاية اخرى من حكايا الغبطة الأبدية، لقد كانت اول قبعة اعتمرها فوق رأسي الكث الشعر خشنه، لقد كان اكبر همي ايام الوعد الموعود اعتمار القبعة والتسكع بها وسط اقراني في خيلاء..تماما كزعماء الهنود الحمر بريش الطيور وقد طأطأ القوم رؤوسهم في خشوع وجلال.
من بين سنوات عمري الثلاثون ويزيد كانت تلكم اللحظات فارقة في حياتي، لازالت ذكرياتها الراسخة تخالجني كلما قرأت لحنين الماضي وسمعت عن ذكريات الاقران، وكلما تحسر الباكون على جدران الازمان، كانت تلك اللحظات تتمثل بمعانيها وتستحضر بمشاعرها...
لازالت طرقات الباب للبشير تطرب أذناي، ولازالت ألوان السعادة تملأ عيناي، فلما رماها علي ارتددت بصيرا بعد ان امسكتها بيمناي..
قبعة ليس كالقبعات لازالت تفاصيل تصميمها حاضرة وكأنها طبعت في المنطقة الرمادية بختم من أزل.. 
ادركت متأخرا ان ما شعرت به وانا بن الثمان سنوات هو ما يسمونه السعادة بتجلياتها الحقيقية، وأن ما دون ذلك فهو عبثية زائلة ومشاعر بالية لا ترقى لما بلغته ولا تسمو لما عايشته..سعادتي بالقبعة مذ ذاك غير قابلة للقياس فهي سرمدية أبدية ملأت عوالم الكون قبل الأرض، لازالت اطيافها تزورني كلما كان للروح نصيب من صلة الارحام، تناجي ذكرياتها وتدعوهم لإيناس وحدة أو مواساة عزلة في ضجيج الحياة. 
ليست سحرية ولا أسطورية، ولا هي غير عادية، الارجح انها كانت معروضة في سوق للعوام، بل وربما مرمية مهملة في زاوية من زوايا سوق المجد، مجد صنعه لها معتمرها، فقد تبادلنا في عقد شرفي دون مراسيم ولا بروتوكولات عهد الأمجاد، على ان لا ينسى كلانا صنيع المحب لحبيبه، والسلطان لسيفه، فلا سعادتها الابدية ستزول ولا مجدها المشرق للزوال سيؤول..
انها قبعة السعادة تلك التي علمتني معنى السعادة يوما والى اليوم ابتسم كلما تذكرت البشرى، "هاك كاسكيطتك".
من ذكريات الطفولة #المنتقد


الوعي الزائف.

لطالما قرأنا في هدا الفضاء الافتراضي وحتى في واقعنا اليومي في حلقات ونقاشات المثل العليا المتجردة من أحكام المنطق و الواقع المرير أن الحياة الجيدة صنيعة الناس وسرها يكمن في مفاهيم "النجاح"، " التفاؤل"، "الإرادة والعزيمة" وغيرها من المفاهيم الغائبة عن واقعنا...
إن جدلية النجاح والفشل، والضعف والقوة، والإرادة والتراجع وتحقيق الأحلام والواقع التي يتغنى بها البعض إنما هي استهلاك فكري مستورد أيضا يضيفها الناس الى رصيد السلع والافكار المستوردة في حياتهم، فهده الشعارات الرنانة والجميلة التي تطرب مسامع المعذبين في الأرض بعيدة المنال وليست بالبساطة التي يعتقدها المرددون لها لمجرد أن صدف الحياة الجميلة كانت في صفهم ومقادير الحياة كتبتها لهم في يوم ما... إن البيئة التي نعيش فيها لا تساعد على تبني هدا الفكر المشرق، فالانسان ابن بيئته، وما جاءت هده الشعارات إلا من بيئة حضارية يعتبر فيها النجاح شيئا عاديا يستحقه كل البشر وكل من لديه فرصة العيش في هده البلدان، بيئة مليئة بالمحفزات المادية والمعنوية التي تصنع الانسان.. لقد درجنا على استنشاق السلبيات في بلادنا في كل المجالات  وألفنا الرداءة على كل المستويات ورأينا وسمعنا المحبطين الفاشلين الفاسدين يسيطرون على مقدراتنا كلما سنحت لهم الفرصة، و سمحنا لأنفسنا أنهم أولياء أمورنا ومسؤولونا، واكتسح الفشل مؤسساتنا وعقلياتنا وجماهيرنا وارتضينا الرداءة في بيئتنا ، فأنى للناجحين ان يستمروا والفاشلين ان ينجحوا ؟
لا شك أن ترديد الشعارات المنبعثة من على رؤوس الألسن فقط لن تغير شيئا ما لم يكن هناك بيئة مساعدة ومرنة في مجتمعنا توفرها مؤسسات الدولة والمجتمع المحلي، ليس فقط البيئة بل تغيير شامل .في العقليات والذهنيات ولاشك أن البداية يجب أن تبدأ من المدرسة والأسرة..
قد يكون تشاؤما مباحا مبالغا فيه، لكنني اعتقد انها الحقيقة التي نريد طمسها بالشعارات الالكترونية المنسوخة الملصوقة، حياتنا معقدة جدا وبلادنا غارقة في فساد البر والبحر، أعتقد أن النجاح يبدأ بمصارحة أنفسنا بعيدا عن تفاؤلات التجارب الشخصية المعزولة حين كان للقدر نصيبا كبيرا في صناعة النجاح والتفاؤل والقوة وصناعة الواقع المشرق..مصيبتنا أعمق واشمل إنها في عقول البشر، إنها في محيطنا وبيئتنا الفاشلة وواقعنا الصعب.
ح. م

الاثنين، 18 فبراير 2019

المرأة في غياهب التّسليع..بين الامس واليوم

لا شك من ان الصراع بين الجنسين والمتجذر عبر التاريخ او كما اريد له ان يكون " صراعا" رغم ان الفطرة الانسانية الصحيحة لم تخلق للصراع بين الجنسين، لانهما عنصرا جذب لبعضهما البعض وجدا للتكامل الشعوري والوظيفي، ومن اجل احقاق سنة الله الكونية في نسل البشر و عدم الفناء والاستمرار على هذا الكوكب الى ان يريد الله شيئا كان مفعولا...
قصة الذكر والانثى تلك التي بدأت في الجنة بعدما خلق الله ابانا ادم عليه السلام ثم آنسه بأمنا حواء التي خلقت من ضلعه من اجل ان تكون انيسا له يتمتعان في الجنة حيثما يشاءان الى ان ازلهما الشيطان فوقعا ضحية وسوسته وكانا من الخاطئين فاخرجهما منها نحو الدنيا كي يذوقا وبال فعلتهما..
ان المتدبر في قصة ابوينا ادم وحواء مع الشيطان يدرك ان صراع الانسان الحقيقي ليس بين جنسي البشر وإنما بين الشيطان والبشر بجنسيه الذكر والأنثى..
بعد تطور المجتمعات الانسانية التي وصلت الى ما وصلت اليه اليوم في شتى المجالات، قام الانسان وعلى مر العصور بالبحث دائما عن التغيير..تغيير اسلوب الحياة وعناصرها التي تشمله من اجل حياة افضل، ولا يزال الانسان منكبا على ذلك الى ان يرث الله الارض ومن عليها لان الطبيعة البشرية فضولية ميالة للاكتشاف والابتكار والتغيير والتجديد الذي قد يناقض طبيعته احيانا.وفي خضم شغف الانسان للتغيير والخروج عن المألوف، ليس فقط فيما يخص الجانب المادي بل تعدى ذلك الى الجانب النفسي والاجتماعي، برزت خلال القرن الاخير بعض الافكار الشاذة الميالة الى تغيير المفاهيم وخلط الافكار وتحريفها من الطبيعة الى التخريف ، ومن الفطرة السليمة الى الشذوذ المنحرف، ولا شك من ان هذا الفكر فرض سطوته على المجتمعات وجعل له مكانا بين الافكار او ما يسمى المبادئ العالمية المشتركة بل وتجذر حتى اصبح هو الاصل وما خالف تقليد ، حتى اصبح مقياسا ومعيارا ،  -الجهل والرجعية سمة من يخالفه - .
إن اجتماع العالم على مبادئ معينة لا يعني بالضرورة مصداقيتها وصحتها، فعالم اليوم المتغير والمتجدد والمبني على المصلحية والبرغماتية لا يتخذ من معايير الخير والشر مبادئ له دائما، بل ينظر لعالم الاشخاص والاشياء من منظار الربح والفائدة وما عدا ذلك فهو مضيعة للوقت والجهد، لذا وجب التنبيه لهذا الموضوع لأنه يعطي للناقد هامشا من التحرر من قيود ما يسمى بالقوانين الوضعية والمبادئ العاليمة، ويصبح مستقلا في احكامه القيمية لا ينبغي للمبادئ الوضعية المحايدة ان تصنع رؤيته للعالم، بل يستسلم للمنطق والفطرة الانسانية السليمة التي ومن المؤكد انها لن تكون في صفّ اي رأي او فكرة بل تستسلم للحقيقة الكونية..
لا شك في ان بداية المجتمعات البدائية هي الوعاء الاول والاخير للدارس لأي ظاهرة انسانية ففي تلك الحقبة كان الانسان حرا متجردا من أي قانون وضعي وحتى في بعض الحقب من دون دين سماوي..
وبناءا عليه فإن هذه المجتمعات بظواهرها الانسانية وثقافاتها المادية والمعنوية تشكل افضل وعاء للدارس لأوضاعنا في هذه الأيام، لذلك ارتأيت أن ابني مقاربتي البسيطة على ضوء المجتمع البشري في بعض الفترات التاريخية على الاقل قبل القرن 19 ،
وقد تناولت فيها جزئية دور ووظيفة المرأة والرجل وما يثار حولهما اليوم من زوابع وصراعات ومفاهيم وافكار يقال عنها انها ثورية على زعم اصحاب نزعة الحداثة أو كما يحلوا للبعض تسميتهم ممن أرادوا وكان لهم ذلك في تغيير مواقع ووظائف الجنسين فعبثوا بالوعي العالمي، الى ان عبثوا بالجنس البشري فيما يبدوا انه تغير مجتمعي مخطط له وليس تغير اجتماعي طبيعي في اطار سيرورة التاريخ كما حدث من قبل.
الرجل والمرأة او الذكر والانثى...لقد خلق الله هذين الجنسين وأورثهما الأرض كي يصيبا منها ويعمرا فيها اجلا معلوما، وسنة الله في خلقه -اي في البشر- التكاثر وتعمير الارض وما يتبع هاتين الوظيفتين من نتائج تشكيل المجتمعات والشعوب، ولا شك ان اسمى هدف لهذا الجنس هو عبادة الله الذي لا اله إلا هو والامتثال للشرائع السماوية التي جاء بها الانبياء والرسل على مرالعصور...في خضم الاهداف السامية التي وجد من اجلها الذكر والانثى ونظرا لطبيعتهما المختلفة فيزيقيا ونفسيا وشعوريا، استدعت الفطرة البشرية الدور التكاملي والتكافلي لمواجهة صعوبات الحياة وقد اقترن الجنسين بمفاهيم الحب والرغبة والمشاعر والزواج و الاسرة التي تعتبر اللبنة الاساسية للمجتمعات.
الاسرة تلك النواة الاولى لتشكيل الشعوب والمجتمعات والتي ظهرت مع ظهور اولى المجتمعات البشرية البدائية بعناصرها الثلاث الاب والام والابناء والتي لا زالت تحتفظ الى يومنا هذا بالخصوصية ذاتها والعناصر ذاتها فهي مبدأ ثابت لا يمكن تغيير مفهومه رغم ان العصر الحديث شهد الكثير من محاولات تشويه بنية المجتمع بدءا بمحاولة العبث بطبيعة الاسرة ومفهومها المحوري الثابت الى مفاهيم شاذة خارجة عن الطبيعة ومشوهة للفطرة الصحيحة بدءا بتدمير الرباط المقدس بين الرجل والمرأة وانتهاءا بزواج المثليين والشواذ واقرار حق هذه الفئات الشاذة ضمن قوانين البلدان بل ومحاولة فرض حقوق هذه الفئة على كل دول العالم من خلال ضغوطات الجمعيات والهيئات الناشطة في هذا المجال تحت غطاء حقوق الانسان والحريات العامة وليس الامر مستبعد ان يتم اقرارها كمبادئ عالمية موجبة التطبيق والاحترام..
بطريقة تلقائية توزعت الادوار الوظيفية للجنسين الانثى والذكر خلال الحقب الاولى للانسان.. الرجل البدائي كان يضطلع بواجبات الصيد و تأمين الغذاء للاسرة والقبيلة وكذا دور الحماية والدفاع عن القبيلة في المقابل كانت المرأة تضطلع بمهام رعاية الصغار وتغذيتهم بالاضافة الى بعض المهام في محيط القبيلة غالبا ما كانت لا تخرج عن اطار الاسرة او التجمع القبلي..
وفي فترات اكثر تقدما من المجتمع البدائي بقيت ادوار الجنسين تراوح مكانها...فعند تشكل المجتمعات الزراعية كان دور الرجل ينحصر ايضا في الاشتغال بالزراعة، وخدمة الارض، والرعي،وبيع ومقايضة المنتجات الزراعية لتوفير الغداء للاسرة حيث كانت معظمها اشغال تتماشى وطبيعة الرجل الخشنة لما فيها من مشقة تتوافق مع تكوينه الفيزيولوحي، وانحصر دور المرأة في نفس الفترة في رعاية الاسرة وما يتبعها من وظائف ثانوية كالطبخ ورعاية الابناء وصناعة بعض الادوات الخاصة بالمنزل والغزل..
وقد بقي دور المرأة والرجل على مر العصور يراوح مكانه حيث يثبت المؤرخون بما لا يدع مجالا للشك ان ادوار كلا الجنسين لم يقترنا ببعضهما البعض واحتفظ كل جنس بدوره الفطري..
ففي القرون الوسطى وبعد تطور الحرف وظهور بعض المهن احتفظ الرجل بدوره المحوري والخارجي والمتمثل اساسا في الرعاية الاقتصادية والمادية للاسرة والاشتغال لتوفير لقمة العيش فقد اشتغل الرجل في القرون الوسطى في مختلف المهن والحرف وكذا في الزراعة والمصانع التي كانت حديثة الظهور..وبقي دور المرأة انذاك منحصرا ضمن محيط الاسرة بداية من تربية الابناء الى الاهتمام بالبيت والزوج وكل متطلبات الاسرة واحيانا كان دور المرأة يتسع قليلا الى مشاركة الازواج في جني المحاصيل ضمن الاراضي الموجهة للاستهلاك المحلي و التي لا توجه محاصيلها للبيع والتجارة فهي محاصيل محدودة يتم جنيها من اراضي زراعية عائلية صغيرة..بالاضافة الى غزل النسيج..
وكما هو ملاحظ فإن نشاط المرأة ودورها لم يرتبط ابدا بالربح التجاري ،ولم يكن نشاطا مستقلا لتحقيق اهداف خاصة او لتحقيق استقلالية مالية للخروج من سلطة الرجل كما يتم الترويج له اليوم بشكل واسع، فقد كان مكملا لدور الرجل وكان يدور في فلك الاسرة والقبيلة ولم يكن هدفه تجاريا او ربحيا لأنه كان دور وظيفي اجتماعي يتطابق مع طبيعة المرأة الفيزيولوجي والوجداني على نقيض دور الرجل المتمثل في الاشتغال من اجل توفير الغداء والامان للاسرة والرعاية الاقتصادية والامنية..
وكما اشرنا سابقا انه ينبغي الحكم على الشيء في أوله عندما يتجرد من المؤثرات الخارجية، فإن الحكم على دور الجنسين يمكن استنباطه من خلال المجتمعات الاولى او على الاقل مجتمعات ما قبل الحداثة والتي كانت تسير على سجيتها دون تدخل خارجي او ايديولوجي مخرب..
اذ انه لا يمكن اغفال دور المرأة في المجتمع ولا الانتقاص منه لمجرد انه لا يخرج من نطاق الاسرة والقبيلة، حيث يعتبر دورا جوهريا ومحوريا لا يسعنا المقام ها هنا لذكر اهميته ويكفي الاشارة الى ان الاسرة هي نواة المجتمع كي يتضح هذا الدور جليا..
دون شك فإنه تم التلاعب بالمفاهيم وإشكالها في المجتمع الحديث،وفي خضم التطور السريع للعالم الحديث المبني على البراغماتية خاصة المجتمعات الغربية التي عملت على تشويه دور المرأة واخراجها من الجور الطبيعي الذي وُجدت له من اجل تحقيق اهداف لا يمكن وصفها إلا بالتجارية..
ولا شك من أن أي مقارنة خاصة بوظيفة المرأة ودورها الاجتماعي بين عالم اليوم والعصور الماضية سيكون مضيعة للوقت بسبب تقلص القواسم المشتركة بشكل كبير ان لم نقل انعدامها، حيث طغت المبادئ المادية للعصر الحديث على القيم الاجتماعية والاخلاقية، ورغم ان التراكمات التاريخية المعززة للدور الطبيعي والفطري للمرأة كبيرة إلا ان حجم التغيير الاجتماعي والثقافي خلال القرن 20 و 21وفي فترة وجيزة قلب كل الموازين واستطاع طمس الحقائق وتزييفها..وقد اثبتت الكثير من التقارير والدراسات ان الحقوق والحريات المزعومة خاصة في الدول الغربية من خلال ترسانة القوانين ما هي الى غطاء لسياسات متوحشة تلقي بالمرأة الى غياهب التسليع من اجل مجارات هذا العالم الاقتصادي المتجدد الذي يبحث عن الرفاهية والغارق في القيم المادية.
ويبقى النموذج الاسلامي الموافق لتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية السمحة افضل وأكمل نموذج يحافظ على توازن المجتمع ويوازن بين الأدوار المبنية على التكامل والتكافل الاسري والاجتماعي رغم انني لم اتطرق اليه من خلال المقال، لأن المقام لا يتسع لذلك ويحتاج الى تفصيل كبير، فارتأيت تناول الموضوع من الجانب الاجتماعي بشكل عام ولي عودة في ذلك .

ح/م

الأحد، 17 فبراير 2019

غابت شمس الحقّ



الشمس مشرقة والسماء زرقاء والبحر هادئ في بلادي، وإن جارت عليَّ ليست بعزيزةٍ، والجبال شامخة والسهول منبسطة، والأرض غنية والشعب بعيد والنظام سعيد، والحزب عتيد والزعيم مريض.. والشباب حار في وطنه لا الأملُ قريبٌ لا الحلمُ لا الفرجُ... والسُّلطةُ سليطةٌ متسَلِّطَةٌ، والفساد مستشرٍ في رحبٍ وفي سَعةٍ، والسهل شحَّ من حبّه وعنبهِ والنّهر جفَّ من مائه، والعامل لا شيء في عطائه...
الطَّالب البطَّال الطَّلَّابُ في غبنٍ وفي نكدٍ، لا شغل اكتساهُ ولا سكنَ آواهُ...والجند في خنادق حدوده على عهدهِ، والحزب في حدائق قصوره على وعده، اِلتَحَفَ بِصُوفِ خرافهِ، شبَّ الشِّياب وشابَ الشَّباب من كيده ومكره، فلا منطق يحكم ولا واقع يرحم، والشعب في أمجاد أجداده غارق يروي: كان وكانت وكانوا.. والحقُّ أن العزاءَ في مُصابهِ لواجبٌ على شعبٍ أُوقِدَ فوقه الحطبُ..أراني قد أطلت الحديث وخرجت به.. كأن في تخلُّفِنا النظام هو السّببُ..لكن الأمر معقد متشعِّبٌ لا يكفي فيه شكوًى ولا نحيبٌ ولا شكٌّ ولا عجبُ..

الجمعة، 15 فبراير 2019

زبون من نوع خاص


    لعلّ أبرز معضلة تواجه مجتمعنا اليوم هي البطالة وما يترتب عنها من آفات اجتماعية، لكن بطالة الشغل أرحم من بطالة العقل، وبطالة الأجسام أرحم من بطالة الهمم، ولا شك أن الشاب رغم ما يعانيه من قلة الحيلة وندرة السيولة لا بد له ان يحافظ على القدر الأدنى من الكرامة يحفظ بها ماء وجهه أمام الآخرين...
ولعل هذا الموقف الطريف الذي شهدته في محل الحلاقة أبلغ من اي موقف اخر.
يكتسي محلّ الحلّاق في الجزائر أهمية خاصة في الأيام الاخيرة من شهر رمضان..يصبح فيها الحلّاق احدى الشخصيات المهمّة في البلاد والجزائريون يعرفون ذلك جيدا.
وأنا انتظر دوري في طابوري في محل صاحب "السّمو والمعالي" السيّد "حلّاق" مستفيدا من سفرية مجانية وفرتها لي الخرائط التي كان ينحتها الحلاق على رؤوسٍ ليست كالرّؤوس...فقد كانت اقرب اليها من الاطالس المزخرفة بخطوط الطول ودوائر العرض، لقد كان الحلاق خاصا في ذلك اليوم، فمن الزخرفة والنحت، إلى الطّلاء والدّهن، فقد كان يدهن خلطة خاصة بأنامله وهو يرتدي قفازات طبية على شعور " ضحاياه "...
    لقد مارس الحلاق ذلك اليوم أو هكذا يفعل في كلّ يوم كلّ ألوان الفنون والحرف إلّا الحِلاقةَ، على الأقل بالمفهوم التقليدي الذي أعرفها به وهو " قصّ الشّعر "... في خضم كل هذه الأحداث العجيبة كنت أنا الأعجب من بين الحضور في ذلك الطّابور بقصّة شعري العتيقة التي تعود الى سنوات مضت..
   كان الطابور طويلا لدرجة انني ارتحلت الى عدة قارات من مكانيَ ذاكَ، وكان أصحاب "الكيراتين" و"العقدة" يَتداولون الواحد تلو الآخر على كرسيّ المجــد، 
"مجــــد الشّْــــعَـــــرْ"...
وبينما أنا شارذُ الذهنِ مستغرب الوَضعِ أفاقني من شروذي شاب كان قد أتى عليه الدَّورُ من قبْلُ، وذهب لجلب ثمَن القصَّةِ من المنزِلِ، ونطق وَيا ليتَهُ لم يفعَلِ ، وَ أقنَبِسُ وَ يا ليتَنِي لم أقتَبسِ : ?? " Galek PaahPaah ch7al jatek "... اي: "قال لك بابا كم ثمن قصة الشعر" كان لحن قولته لطيفا جدّا لا يعبّر عن خشونة بشرته وسمرتها.. "..وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ.."
قصة الشعر الحداثية تلك التي تُوعِز لك ان ذالك الشاب يتمتع باستقلالية تامة وشخصية قوية، لم تشفع له بشحت ثمنها من عند أبيه..هنالك فقط ادركت ان الأزمة الاجتماعية والاخلاقية أعمق ممّا هي بادية عليه بكثير وأنها تتطلب وقفة وامعانا اكثر لإدراك ابعادها وسبر اغوارها أكثر، فلربما تمكنا من استخلاص العبر وتدارك الاخطاء لمعالجتها ذاتيا بدءا بأنفسنا وأسرنا.
ح/م

الخميس، 14 فبراير 2019

سأهاجر..

خاطرة حول الهجرة كتبتها في شتاء 2011 حينما كانت تراودني افكار الهجرة الى الخارج بشدّة بسبب البطالة والاوضاع الاجتماعية غير المستقرة، رغم مرور كل تلك السنوات إلا أن ذلك الحلم لم يتحقّق ولازال يحزّ في نفسي كلما تطلّعت الى أفق البحر المتوسط .
سألتني فتاة هل تستطيع ان تهاجر وتترك وطنك؟ فأجبتها..
ماهذا السؤال ؟؟؟


هل أنت تمزحين يا أخت؟؟

إنه المشروع الجبار الذي أخطط له ليل نهار...انه الحلم الكبير الذي اليه سأسير...انه المستقبل المشرق الذي من أجله سوف "أحرق"...انها الهجرة الى الخارج التي ستجعلني أخرج من الفقر المارج....والواقع "الخامج"...انه الحل المنقذ لشخص يريد حلا ومنفذ لأحوال صارت مكهربة كالمأخذ....لا تقل لي توقف فكلامك هذا مؤسف....أو أنني أبدوا مقرف....لا.. لا.. لا لن اتوقف وسأحلف من أجل ذلك في المصحف....أنا أحب بلدي الجزائر وأنا مثلك عليه حائر... لكن لا يوجد في الأفق بشائر في ظل نظام جائر... وفساد منتشر وفجائر...ففي الأخير أنا انشاء الله سأهاجر...سأخاطر من أجل ذلك وأغامر أذهب في قوارب صغيرة أو بواخر.. عبر بحر عميق وموج غادر....وهنالك سأعمل بجهد وأثابر أجمع مالا وافر.. وأفتح بعد ذلك متاجر....ربما سأتاجر...في السيارات أو حتى في السجائر....أتوقف قليلا وأفكر كثيرا.... ثم أقول من بدلني بالفول... سأبدله بالقشور... وسأحتفظ لنفسي بالبذور... لأننا لسنا من أهل الفجور... سنبقى دائما عليه نثور ...نقول كلمتنا حتى ولو في القبور...اننا لا نحب الشقاق كما لا نحب النفاق... ومساوئ الأخلاق نقف دائما في وجه السراق...أولئك من ساقو البلاد إلى الانزلاق... ومتاهات مظلمة كالأنفاق...لأننا شعب فهيم... نملك عقلا سليم... ونفرق بين الأحمق والحكيم... والكريم واللئيم... وبين الجنة والجحيم...فنحن أصحاب شجاعة وهمّة ...نضم أيادينا لأصحاب الأمة... الداعين الى وحدة الصف واللمة...نضم أولئك الاخوان... ونُعرِّف العالم بالجزائري الانسان... الذي يمقت الطغيان... ويثور عليه كالبركان....
سأهاجر الى بلد بعيد.. أكون فيه وحدي حائر... يائسا وغير قادر... أتظاهر بالقوة بينما قلبي حزين فاتر....سأبقى مرتبطا ببلدي بتلك المشاعر.. وفطرتي تذكرني بانني رجل انتمي الى الجزائر...فأنا سأكون هناك مجرد مهاجر....
    مشكلتي ككل بائس فقير... أعمته سياسة الحمير... جعلته يتوق الى بلد يعتقد أنه جدير... بينما هو مجرد مكان ملأته قذارة الخنازير... وثقافة المزامير... يملأ حياتهم مشروب موضوع في قوارير... يقلب عقولهم فيعصون الله في السر والتجهير...كل هذا وأكثر في بلاد أصحابها عملوا وأحسنوا التدبير... مع أنهم أتباع الشرير...لا يؤمنون الا بالشياطين... مع ذلك يقدسون الغني والفقير... ويخلصون نية البناء والتطوير... والتنمية والتعمير... ويقدمون الراتب القدير.. ويجعلونك تعمل رغم أنك دخيل... وتنعم حينها بالمال والحرير...والفراش الوثير....لا تقارن بيننا وبينهم فلن تجد جوابا لك قريب... فقط ستحصل على ماهو غريب....ستحتار وربما بعدها تنهار.... وتقول في نفسك مسلمون أقل شأنا من الكفار؟؟... ماذا حل بنا لننهار؟ سقوطا كالجدار.. مهدم ذا غبار....ستفكر وتفكر لكن لن تجد جوابا... إلا إذا قرأت كتابا، مقدسا ومهابا...فيه ذلك الدستور، الذي من أجله علينا أن نثور.....هل عرفته أم أقول؟؟  
     إنه كتاب غير منقول، منزل منجم.... ومحظور أن نمسه بدون طهور...لا داعي لأن اقول، فأنت ذكي ومفطور، على الاسلام، محمد هو الرسول....اعذريني ان كنت قد أطلت... او بالموضوع قد خرجت... لكنك الحرية تركت في سؤالك انت قلت مارأيكم لو خرجت لبلاد أخرى أو مررت؟...سأجيب على سؤالك رغم أنني تعبت من الكتابة والتفكير... سؤالك بسيط لكنه خليط من الرأي والنقاش والتخطيط.....هههههه...ستظنني مجنون... فاقد العقل ملعون... لكنني فقط مغبون، شاب مفتون بالهجرة مكنون....سأقول لك شيئا وأجاهر........سأهاجر.......سأسافر........وبعد سنين من الحنين......سأغادر نحو بلدي به أفاخر.......سأغادر متجها نحو وطني.
وطن اسمه الجزائر.
ح/م

الأربعاء، 13 فبراير 2019

الطبقية المجتمعية


طبقات تصنيفية لا واقعية:


الطبقية في المجتمع غير موجودة في الواقع..فالطبقات التي نتحدث عنها وتصنيفات الأفراد من أغنياء وفقراء نخبة وعامّة إنما هي في الذهنيات فقط ونتيجة حتمية لسيطرة الفكر الطبقي المتأصل في المجتمع والأفكار حول كون المجتمع عبارة عن طبقات  كما انها  ايضا نتيجة لفكر قديم سائد منذ مئات السنين..إنه إذا يتعلق بترسبات فكرية ومعرفية ولا وجود للطبقية اصلا في الواقع.